أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني الكناني، شهاب الدين، أبو الفضل، من أئمة العلم والتاريخ. أصله من عسقلان بفلسطين، ولد بالقاهرة سنة (773هـ) ولع بالأدب والشعر ثم أقبل على الحديث، ورحل إلى اليمن والحجاز وغيرهما لسماع الشيوخ، وعلت له شهرة فقصده الناس للأخذ عنه وأصبح حافظ الإسلام في عصره، قال السخاوي: «انتشرت مصنفاته في حياته وتهادتها الملوك وكتبها الأكابر»، وكان فصيح اللسان، راوية للشعر، عارفًا بأيام المتقدمين وأخبار المتأخرين، صبيح الوجه. وولي قضاء مصر مرات ثم اعتزل، توفي سنة (852هـ).
لقد كان من أعظم كتب ابن حجر قدراً، وأعمقها علوماً، وأحظاها لدى المسلمين: شرحه على الجامع الصحيح – الذي اتفق المسلمون على أنه أصح كتاب بعد كتاب الله – وهو صحيح الإمام البخاري (256)هـ الذي سمَّاه "فتح الباري بشرح صحيح البخاري" والذي يُعَّد بحق أحد دواوين الإسلام المعتبرة، ومصادره العلمية المهمة، فلا يستغني عنه طالب علم ولا فقيه؛ بل ولا مفتٍ ولا مجتهد، فجاء الشرح سفراً ضخماً جليلاً. أخذ في جمعه وتأليفه وإملائه وتنقيحه أكثر من خمس وعشرين سنة، حيث ابتدأه في أوائل سنة 817هـ، وعمره آنذاك 44 سنة، وفرغ منه في غرة رجب من سنة 842هـ فجمع فيه شروح من قبله على صحيح البخاري، باسطاً فيه إيضاح الصحيح وبيان مشكلاته، وحكاية مسائل الإجماع، وبسط الخلاف في الفقه والتصحيح والتضعيف واللغة والقراءات، مع العناية الواضحة بضبط الصحيح. صحيح البخاري ورواياته والتنويه على الفروق فيها، مع فوائد كثيرة وفرائد نادرة واستطرادات نافعة … إلخ حتى زادت موارد الحافظ فيه على (1200) كتاباً من مؤلفات السابقين له.
هذا كتاب جمع فيه مصنفه زوائد ثمانية مسانيد على الكتب الستة، وهذه المسانيد هي: مسند الطيالسي، ومسدّد، والحميدي، وابن أبي شيبة، والعدني، وعبد بن حميد، وأحمد بن منيع، والحارث بن أبي أسامة، وقد رتب المصنف الكتاب على الكتب الفقهية، مفرعا من كل كتاب مجموعة من الأبواب الفقهية تناسب ما تحتويه من أحاديث، وهو في كل باب غالبًا يقدم المرفوع ثم الموقوف ثم المقطوع، وهكذا يسير في الكتاب بأجمعه في الجملة.
يتناول المصنف في هذا الكتاب المجروحين من رواة الحديث، وأصل هذا الكتاب كتاب: «ميزان الاعتدال» للذهبي، حيث قام ابن حجر بتهذيبه، والزيادة عليه، مع حذف أسماء من أخرج له الأئمة الستة في كتبهم أو بعضهم، فزاد عليهم جملة كثيرة من التراجم. ويتلخص منهج المصنف في أنه يذكر اسم الراوي، ونسبه، ثم يتبعه بذكر أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه، وقد رتب المصنف الكتاب وفق حروف المعجم. كما تعرض الكتاب –كذلك- للقراء، والمفسرين، والفقهاء، والأصوليين، والشعراء، واللغويين، والمتصوفة، والمؤرخين، إضافة للأصل الذي هو رواة الحديث.